كلمات قصيدة مقابلة تلفزيونية مع (غودو) عربي | نزار قباني
كلمات قصيدة مقابلة تلفزيونية مع (غودو) عربي | نزار قباني ، مُنْتَظِرٌ أن يَرْحَلَ القِطَارْ ، الشاعر نزار قباني
مُنْتَظِرٌ أن يَرْحَلَ القِطَارْ
أيُّ قطارٍ كانَ ..
لا يهمُّني .
أيُّ اتجاهٍ كانَ ..
لا يهمني ..
للشرقِ .. أو للغربِ ..
لا يهمُّني ..
لجنّةِ الفردَوْسِ ، أو للنارْ ..
أنا كغودو ..
أسْمعُ الصفيرَ في الليلِ ،
ولكنْ .. لا أرى محطَّةً ..
ولا أرى أرْصِفَةً ..
ولا أرى قطارْ …
وقفتُ في الطابورِ مليونَ سَنَهْ
كي أشتري تذكرةً
نِمْتُ على حقائبي .
نِمْتُ على متاعبي .
قرأتُ ألفَ مرةٍ جريدتي.
ما أسْخَفَ الأخبارْ ..
نَظَرْتُ ألفَ مَرَّةٍ لساعتي .
وَجَدتُها واقفةً
عَدَدْتُ ألفَ مَرَّةٍ أصابعي
وجدتها ناقصةً
فَكَّرتُ أن أذهبَ للمرْحَاضِ ..
لكنْ .. خفتُ أن يفوتني القِطَارْ …
3
والتحديقُ في القُضْبَانِ ،
والجلوسُ أعواماً على مقهى الضَجَرْ
أتعَبَني انتِظارُ ما لا يُنْتَظَرْ ….
بحثتُ في صحيفة الأبراجِ
عن (بُرج الحَمَلْ)…
فلم أجدْ حمامةً قادمةً
ولا طريقاً للسفرْ ..
بحثتُ عن كأسٍ من الكونياكِ ..
عن سَجَائرٍ ..
بحثتُ عن سيّدةٍ أشمُّ عِطْرَ جِسْمِهَا
قُبَيْلَ أن أسافِرْ ..
وجدتُ صرصاراً على حقيبتي .
سألته من أنتَ؟ قالَ إنني مهاجرْ
وكان مثلي .. يرتدي قُبَّعةً ومعطفاً .
وكان مثلي جالساً ..
ينتظرُ القطار …
4
غودو أنا ..
وليس في العالم من مدينةٍ
يَعْرِفُني فيها أحدْ .
كلُّ المحطاتِ التي أقْصُدُها
مُطْفَأةُ الأنوارْ .
كلُّ القطاراتِ التي أسمَعُها
تمرُّ فوقَ جُثَّتي
هل القطاراتُ هي الأقدارْ ؟
غودو أنا .
غودو أنا .
تسلَّقَ العُشْبِ على حقائبي
تسلَّقَ العُشبُ على ذاكرتي
والوقتُ فوق رَقْبَتي
يَمُرُّ كالمِنْشَارْ ..
لا تترُكي رأسي في الهواءِ ، يا سيِّدتي
فهذه الدنيا ..
بلا سقفٍ .. ولا جِدارْ ..